غامق

استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم: من فصول تقليدية إلى عوالم رقمية

المؤلف: فريق أعناب .
25 أغسطس 2025 م 11:00 م

لقد فرض الذكاء الاصطناعي (AI) نفسه كقوة تحويلية في مختلف القطاعات، وكان لدمجه في مجال التعليم أثر ثوري على أساليب التعلم. خلال السنوات الأخيرة، فتحت التقنيات المدعومة بالذكاء الاصطناعي الطريق أمام تجارب تعليمية مخصصة، تفاعلية، وقابلة للتكيف. يهدف هذا المقال إلى استكشاف التأثير العميق للذكاء الاصطناعي في التعليم، وكيف غيّر طريقة تعلم الطلاب، وأساليب تدريس المعلمين، وآلية عمل المؤسسات التعليمية.

جدول المحتويات:

تعريف الذكاء الاصطناعي في التعليم

وفق تعريف شركة IBM، فإن الذكاء الاصطناعي هو تقنية تمكّن الحواسيب والآلات من محاكاة التعلم البشري، والفهم، وحل المشكلات، واتخاذ القرارات، والإبداع، والعمل باستقلالية.

في التعليم، يمكن استخدام الخوارزميات المعقدة والبرمجيات التي تشكل الذكاء الاصطناعي لإنشاء أنظمة قادرة على التعلم والتكيف، وربما العمل بشكل مستقل كأدوات تعليمية.
في جوهره، يتمحور الذكاء الاصطناعي في التعليم حول تسخير التكنولوجيا لتسهيل وتحسين تجارب التعلم.

تشمل بعض المكونات الرئيسية للأنظمة التعليمية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي تقنيات التعلم التكيفي، التي تُخصص المحتوى ليلائم احتياجات كل طالب على حدة، وأدوات تحليل البيانات التي تساعد المعلمين على تحديد الفجوات في التعلم وفهم أنماط أداء الطلاب.

كما أن عناصر أخرى، مثل معالجة اللغة الطبيعية، تُمكّن الذكاء الاصطناعي من التفاعل مع الطلاب بطريقة أكثر شبهًا بالبشر، من خلال تقديم الدعم والتغذية الراجعة.

ولا يقتصر دور الذكاء الاصطناعي في الصف على زيادة الكفاءة، بل يهدف إلى تعزيز عملية التعلم نفسها. فمن خلال تولي المهام الإدارية، يتيح الذكاء الاصطناعي للمعلمين التركيز على التدريس. كما يمكنه تخصيص مسار التعلم لكل طالب حسب سرعته وأسلوبه، ما قد يؤدي إلى تحسين النتائج التعليمية.

توظيف الذكاء الاصطناعي في التعليم

يمثل التعلم التكيفي المدعوم بالذكاء الاصطناعي أحد أكثر التطبيقات ابتكارًا في التعليم، حيث يحوّل العملية التعليمية إلى رحلة أكثر تخصيصًا وفاعلية وكفاءة للمتعلمين بمختلف أنواعهم، ويعزز الذكاء الاصطناعي تفاعل الطلاب من خلال إنشاء محتوى مخصص يتوافق مع احتياجاتهم الفريدة وتقدمهم، مما يجعلهم أكثر انخراطًا والتزامًا، وهو ما ينعكس إيجابيًا على أدائهم الأكاديمي.

أظهر استطلاع أجرته فوربس عام 2023 على معلمين أن 60% منهم استخدموا الذكاء الاصطناعي في الصف، و55% قالوا إنه حسّن نتائج التعلم.

من خلال الاستفادة من كميات هائلة من البيانات حول أداء الطلاب، وسرعة تعلمهم، وتفضيلاتهم، يوفر الذكاء الاصطناعي تجارب تعليمية مخصصة، تُمكّن الطلاب من التعلم وفق وتيرتهم الخاصة، والحصول على تغذية راجعة فورية، والتركيز على نقاط الضعف لديهم. هذا النهج يقلل الإحباط ويزيد الثقة بالنفس، وهو أمر حاسم لرفاههم العام.

كما أن أنظمة التدريس الذكية (ITS) توفر تعليمًا فرديًا موجهًا لكل طالب وفق احتياجاته، وقد أثبتت فعاليتها في تحسين التفاعل والأداء. تراقب هذه الأنظمة التقدم في الوقت الفعلي وتقدم ملاحظات مستهدفة، مما يشجع على التعلم الذاتي ويساعد الطلاب على التقدم في المفاهيم المعقدة وفق مستوى الصعوبة المناسب لهم.

استخدامات الذكاء الاصطناعي في التعليم

لقد أصبح تأثير الذكاء الاصطناعي (AI) على التعليم كبيرًا بالفعل، حيث يوجد مجموعة متنوعة من التطبيقات التي تعزز تجربة التعلم حاليًا في الفصول الدراسية والمنصات التعليمية عبر الإنترنت. فيما يلي بعض التطبيقات البارزة للذكاء الاصطناعي التي تُحدث فرقًا في التعليم، مدعومة برؤى مستخلصة من أبحاثٍ في الصناعة:

مسارات التعلم المخصصة

المنصات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، مثل تلك المستخدمة في جامعة ولاية أريزونا، تطبق خوارزميات التعلم الآلي لتقديم مناهج مخصصة، تتكيف مع سرعة واحتياجات تعلم كل طالب، مما يؤدي إلى زيادة التفاعل وتحسين الأداء.

منصات التعلم التكيفية

تقوم المنصات التعليمية المدعومة بالذكاء الاصطناعي بضبط طريقة تقديم المحتوى وفقًا لأداء الطالب، فتقدم موارد إضافية أو تعدّل المحتوى بحسب مستوى المهارة، لضمان تجربة تعليمية شخصية.

تحسين تصميم المناهج الدراسية

يساهم الذكاء الاصطناعي في تصميم المناهج من خلال تحليل كميات كبيرة من البيانات التعليمية، فيكشف الفجوات، ويحدّث المحتوى، ويوصي بالتحسينات، مما يضمن الملاءمة والفاعلية.

تطوير المحتوى الذكي

أدوات مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي تقوم بإنشاء مواد تعليمية مصممة وفقًا لتفضيلات التعلم الفردية. يمكن لهذه التقنية أن تولد اختبارات ومواد تعليمية تتماشى مع أسلوب التعلم الفريد للطالب، وهو أمر مفيد بشكل خاص للطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة.

أنظمة التدريس الذكية (ITS)

برامج مثل DreamBox Learning في المدارس الابتدائية تستخدم الذكاء الاصطناعي لتتبع تقدم الطلاب في الوقت الفعلي، وتعديل الدروس لتحسين النتائج. وقد وجدت جامعة هارفارد زيادات ملحوظة في مهارات الرياضيات لدى الطلاب الذين استخدموا DreamBox.

الواقع الافتراضي (VR) والواقع المعزز (AR)

هذه التقنيات التفاعلية تدعم تأثير الذكاء الاصطناعي في التعليم من خلال محاكاة بيئات واقعية للتعلم التجريبي، مثل إعادة إنشاء الأحداث التاريخية أو الظواهر العلمية، مما يضيف عمقًا للمعرفة النظرية.

أنظمة التصحيح الآلي وتقديم الملاحظات

يقوم الذكاء الاصطناعي بأتمتة عملية التصحيح، مقدمًا ملاحظات فورية للطلاب، مما يتيح لهم فهم أدائهم بسرعة ومعالجة جوانب التحسين بكفاءة أكبر.

المحادثات الآلية (Chatbots) لدعم الطلاب

أصبحت الروبوتات الحوارية المدعومة بالذكاء الاصطناعي شائعة الآن، حيث تقدم للطلاب المساعدة عند الطلب في الاستفسارات الأكاديمية والدعم الإداري، مما يعزز الخدمات الطلابية وكفاءة العمليات.

الدعم العاطفي والاجتماعي للتعلم

تستكشف تطبيقات الذكاء الاصطناعي فرص مساعدة الطلاب ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة، مثل مساعدة المصابين بالتوحد على تطوير مهارات اجتماعية ولغوية أفضل عبر تقنيات التفاعل بين الإنسان والحاسوب مثل المساعدات الروبوتية.

التقييم والتحليلات التنبؤية

باستخدام البيانات المتعلقة بتفاعلات الطلاب، يقوم الذكاء الاصطناعي بتكييف مسارات التعلم في الوقت الفعلي والتنبؤ بالأداء المستقبلي، مما يوفر استراتيجية تعليمية أكثر تخصيصًا وفعالية ورؤية مستقبلية. كما أن التحليلات التنبؤية المدعومة بالذكاء الاصطناعي تحلل بيانات الطلاب للتنبؤ بأدائهم وسلوكهم، ما يمكّن المعلمين من التدخل السريع لدعم المتعثرين وتنفيذ استراتيجيات لتحسين النتائج.

إنشاء المحتوى التعليمي

ينتج الذكاء الاصطناعي مواد تعليمية مثل الاختبارات، وأدوات المذاكرة، والدروس التفاعلية، مصممة لإثارة اهتمام الطلاب وتلبية أنماط تعلمهم المختلفة.

دعم المعلمين

تساعد أدوات الذكاء الاصطناعي المعلمين في تخطيط الدروس، والعثور على الموارد، وإدارة الصف، من خلال تقديم اقتراحات، وأتمتة المهام الإدارية، وتوفير بيانات تحليلية مفيدة.

التعلم والتكيف المستمر

يتطور الذكاء الاصطناعي في التعليم باستمرار استنادًا إلى التغذية الراجعة وتحليل البيانات، ليتكيف مع الاحتياجات التعليمية المتغيرة، مما يُبقي الأنظمة التعليمية ديناميكية وقادرة على تلبية متطلبات الطلاب، والصفوف الدراسية.

إن الاستخدام الحالي للذكاء الاصطناعي في التعليم يعرض المزيج القوي بين التكنولوجيا والتعليم التقليدي، مما يخلق بيئة تعليمية ديناميكية وتكيفية تعد الطلاب للمستقبل بطريقة شمولية وفعالة.

المخاوف المرتبطة بالذكاء الاصطناعي في التعليم

على الرغم من المزايا الكبيرة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي في التعليم، إلا أن هناك تحديات ومخاطر تستحق الاهتمام والتعامل معها بحذر مع توسع استخدام هذه التقنية في العملية التعليمية، فيما يلي أبرز هذه القضايا:

التحيز والمساواة

قد تعكس خوارزميات الذكاء الاصطناعي بشكل غير مقصود تحيزات معينة، ما قد يضعف فرص الطلاب من الفئات الممثلة تمثيلًا ضعيفًا ويؤدي إلى تقديم تقييمات أقل دقة، وهو ما قد يؤثر سلبًا على نتائجهم التعليمية. لذلك، من الضروري الاعتماد على مجموعات بيانات متنوعة وشاملة عند تطوير أو شراء أدوات الذكاء الاصطناعي.

الخصوصية وأمن البيانات

يتطلب تشغيل أدوات التعليم المدعومة بالذكاء الاصطناعي جمع كميات هائلة من البيانات، مما يثير مخاوف بشأن الخصوصية واحتمالية تسريب أو إساءة استخدام معلومات الطلاب الحساسة. لذا، يجب تطبيق سياسات واضحة وضمان حماية قوية للبيانات.

الاعتماد المفرط على التكنولوجيا

هناك خطر من أن يعتمد المعلمون والطلاب بشكل مفرط على تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما قد يقلل من تنمية مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات، والتفكير الإبداعي التي تعززها طرق التعلم التقليدية.

التفاعل البشري

لا تستطيع أنظمة الذكاء الاصطناعي محاكاة التعلم الاجتماعي والعاطفي الناتج عن التواصل البشري، وهو عنصر أساسي في التعليم المتكامل. تقليل فرص التفاعل الإنساني قد يكون مصدر قلق حقيقي.

عدم المساواة في الوصول

قد تؤدي تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى زيادة الفجوة التعليمية إذا لم تتوفر للجميع بنفس القدر، حيث قد يفتقر الطلاب من خلفيات أقل حظًا إلى الموارد اللازمة للاستفادة منها، مما يعمّق الفجوة الرقمية.

المقاومة وصعوبة التكيف

قد يواجه بعض المعلمين، المعتادين على الأساليب التقليدية، صعوبة في تقبل التكنولوجيا الجديدة، إما بسبب قلة المعرفة بها، أو الخوف من فقدان دورهم، أو القلق من الجهد والوقت المطلوبين للتدريب.

قيود الموارد

يتطلب تنفيذ تقنيات التعلم التكيفي استثمارات كبيرة في البنية التحتية والتدريب والصيانة المستمرة، وهو ما قد يمثل تحديًا للمؤسسات التعليمية الصغيرة أو محدودة الموارد.

معالجة هذه التحديات تستلزم نهجًا متوازنًا وحذرًا في دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم، مع مراعاة الجوانب الأخلاقية وضمان المساواة في الوصول، والحفاظ على أهمية التفاعل البشري. من الضروري أيضًا التأكيد على أن دور الذكاء الاصطناعي هو دعم المعلمين وليس استبدالهم، للحفاظ على القيمة الفريدة التي يضيفونها للعملية التعليمية.

وفي ظل هذه التحديات، يصبح من الواضح أن هناك حاجة لاتخاذ خطوات عملية تضمن الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي، وتوسيع فوائده لتصل إلى الفئات الأكثر حاجة، مع إعطاء الأولوية في السياسات والاستثمارات التعليمية للشمولية ودعم المعلمين في مواكبة هذا التطور التقني السريع.

استخدام الذكاء الاصطناعي في العالم

يختلف تطبيق الذكاء الاصطناعي في التعليم بشكل كبير بين الدول، ويعكس عمومًا التفاوتات القائمة في البنية التحتية التكنولوجية، والتمويل، والدعم السياسي، ومستوى الإلمام الرقمي. فالدول المتقدمة والغنية تملك بنية تحتية تقنية أقوى، إضافةً إلى بيئة محفزة على الابتكار تشمل القطاع الخاص، ما يساعد المدارس والجامعات على إجراء تجارب في استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم.

لكن الوضع يختلف تمامًا في بلدان الجنوب، وفي الدول النامية عمومًا، إذ تواجه هذه الدول صعوبات كبيرة، أبرزها عدم توفر المتطلبات الأساسية، سواء من حيث البنية التحتية أو حتى الوصول إلى الكهرباء، مما يعيق استفادة التعليم من هذه التكنولوجيا.

الذكاء الاصطناعي في مجال التعليم في السعودية

يشهد قطاع التعليم في المملكة العربية السعودية تحولًا كبيرًا بفضل دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي، وذلك ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تسعى إلى تعزيز الابتكار وتبني الحلول التقنية في مختلف القطاعات. فالتعليم لم يعد يقتصر على الأساليب التقليدية، بل أصبح يعتمد على أنظمة ذكية للتعلم الشخصي، وتحليل أداء الطلاب، وتوفير محتوى تعليمي متكيف مع احتياجات كل متعلم. كما تدعم الدولة الاستثمار في البنية التحتية الرقمية وتدريب الكوادر التعليمية على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، بهدف تحسين جودة التعليم، وزيادة كفاءته، وإعداد جيل متمكن من مهارات المستقبل، قادر على المنافسة في سوق العمل العالمي.

فيما يلي بعض الأرقام والإحصائية المهمة التي تعكس اهتمام المملكة بدمج هذه التقنية في الصفوف الدراسية:

استثمارات ضخمة وتأثير ملموس

تُخطط وزارة التعليم لاستثمار أكثر من مليار دولار بحلول عام 2025 في تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعليم الرقمي، بهدف إعداد جيل متقن للتقنية.

أدّت أنظمة التدريس باستخدام الذكاء الاصطناعي إلى تحسّنٍ بنسبة 15% في نتائج الاختبارات خلال سنة واحدة، خاصة في الميادين المتقدمة مثل الطب حيث زادت معدلات النجاح بنسبة 12%.

توجه استراتيجي واسع نحو الاقتصاد القائم على التقنية

يتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي بما يعادل 12% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بحلول 2030.

بحلول عام 2025، سيبلغ حجم سوق الذكاء الاصطناعي في التعليم المدرسي (K-12) نحو 97 مليون دولار أمريكي، بمعدل نمو سنوي متوسط يبلغ 44.2% .

سوق التعليم الإلكتروني في السعودية يُقدَّر بأنه سينمو من 257 مليون دولار في 2024 إلى 353 مليون دولار بحلول 2029.

تأسيس بيئة تعليمية متطورة ومُعدة للمستقبل

تهدف السعودية إلى تدريب مليون متخصص في البيانات والذكاء الاصطناعي بحلول 2030، عبر مبادرة SDAIA بين 2019 و2023، تضاعف عدد خريجي تخصصات الذكاء الاصطناعي إلى أكثر من 38,000 طالب، ويقدم 86% من الجامعات السعودية برامج بكالوريوس ذات صلة بالذكاء الاصطناعي.

أنشأت المملكة 11 مركز تميّز في مركز تميز في الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي.

في عام 2023، أعلنت “سدايا” عن برنامج تدريبي جديد يشمل 300,000 طالب من المرحلة المتوسطة والثانوية لتلقّي تدريبات في الذكاء الاصطناعي والترميز
من المقرر أن يُدرج منهج الذكاء الاصطناعي ضمن المناهج الوطنية اعتبارًا من عام 2025–2026.

الخلاصة: استراتيجيات طموحة تضع السعودية في صدارة المستقبل

تسعى المملكة عبر رؤية 2030 إلى تحويل نظام التعليم من التقليدي إلى الرقمي، معتمدة على استثمارات ضخمة، وتدريب متخصص، وبنية تحتية قوية في مجال الذكاء الاصطناعي. هذه الخطوات تصب في بناء جيل قادر على الابتكار والمنافسة عالمياً في سوق العمل الرقمي.

الاستعداد لدمج الذكاء الاصطناعي في المدارس

مع استمرار الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل تجربة الفصول الدراسية، يحتاج المربون والمؤسسات التعليمية إلى الاستعداد الكامل للاستفادة القصوى من إمكاناته. فيما يلي خطوات رئيسية وممارسات مُثلى لتبنّي الذكاء الاصطناعي بفاعلية في التعليم:

  1. إجراء تقييم للاحتياجات: ابدأ بتقييم الاحتياجات المحددة لطلابك لتحديد المجالات التي يمكن أن يضيف فيها الذكاء الاصطناعي قيمة، وقم بتكييف الحلول التقنية لتلبية هذه المتطلبات المستهدفة.
  2. الاستثمار في التطوير المهني: يعد تدريب المعلمين أمرًا أساسيًا. قدّم برامج لا تقتصر فقط على كيفية استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، بل تشمل أيضًا طرق توظيفه لمعالجة احتياجات التعلم المتنوعة وتسريع تقدم الطلاب.
  3. ضمان جاهزية البنية التحتية: تأكد من أن مدرستك تمتلك الأساس التكنولوجي اللازم لدعم حلول الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك اتصال إنترنت موثوق، وبرمجيات متوافقة، وأجهزة مناسبة.
  4. تعزيز الشمولية والإنصاف: يجب أن يستفيد جميع الطلاب من دمج الذكاء الاصطناعي. ضع استراتيجيات وسياسات تضمن الوصول العادل إلى أدوات الذكاء الاصطناعي بغض النظر عن الخلفية الاجتماعية أو الاقتصادية.
  5. بناء الشراكات والتعاونات: تعاون مع مزودي التكنولوجيا، والمؤسسات البحثية، والشركاء الصناعيين للحصول على الدعم الفني والأفكار العملية حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم.
  6. دمج الذكاء الاصطناعي في المناهج الدراسية: أدرج عناصر الذكاء الاصطناعي في مختلف المواد الدراسية، وليس فقط في دروس منفصلة، لجعل تعلمه أكثر ارتباطًا وسياقية.
  7. توفير خبرات عملية: أتح للطلاب فرصًا للتعامل المباشر مع الذكاء الاصطناعي من خلال مشاريع واقعية، وشراكات مع الصناعة، ومبادرات بحثية، لجعل التعلم أكثر تفاعلية وواقعية.
  8. معالجة القضايا الأخلاقية والخصوصية: ضع سياسات واضحة لجمع البيانات وتخزينها واستخدامها، مع التركيز القوي على الخصوصية والأمان والاعتبارات الأخلاقية.
  9. تشجيع التعلم المستمر والتكيف: نظرًا لأن الذكاء الاصطناعي مجال سريع التطور، اعمل على تعزيز ثقافة التعلم المستمر لدى المعلمين والطلاب للبقاء على اطلاع بأحدث التطورات وفهم تأثيراتها على التعليم.
  10. إشراك أولياء الأمور: شارك أولياء الأمور في النقاش حول دور الذكاء الاصطناعي في تعليم أبنائهم لبناء شبكة دعم أوسع لمسيرة تعلم الطلاب.

من خلال اتباع هذه الممارسات، يمكن للمدارس التعامل مع تحديات دمج الذكاء الاصطناعي وبناء أساس قوي لمستقبل يكون فيه الذكاء الاصطناعي أداة تدعم وتعزز وتحول تجربة التعلم لجميع الطلاب.

قُد زمام الابتكار مع دورة استخدام الذكاء الاصطناعي في التدريس اليومي

إن دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم يفتح حقبة تحولية جديدة، تتميز بمستويات غير مسبوقة من التخصيص وزيادة تفاعل الطلاب. فقد بدأ الذكاء الاصطناعي بالفعل في إعادة تشكيل عملية التعلم من خلال تكييف التجارب بما يلبي احتياجات كل فرد، وتعظيم المشاركة، وفتح آفاق جديدة للمتعلمين من جميع الخلفيات للنجاح، ونحن في أعناب نهدف لتمكين الجيل القادم من القادة والمبتكرين والمعلمين لصياغة مستقبل التعليم، انضم إلى شبكة من قادة الفكر المستعدين لقيادة المشهد التعليمي المتوسع بإبداع وثقة، مع دورة: استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي للتدريس اليومي، سجل في الدورة الآن!

الذكاء الاصطناعي الأخلاقي في التعليم والتعلّم

بالنسبة لكلٍّ من المعلّمين والطلاب، من الضروري فهم وتقييم والتعرّف على أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، سواء تمّ دمجها في الفصول الدراسية أم لا. فالتعامل مع هذه الأدوات يتطلّب عدسة نقدية وأخلاقية واعية لتحديد ما إذا كان استخدامها سيُسهم في تحسين المهام والتقييمات، إضافةً إلى استباق الطرق التي قد يلجأ فيها الطلاب إلى استخدامها بشكل مستقل، سواء بشكل مثمر أو بطريقة قد تضرّ بالنزاهة الأكاديمية.

تشمل هذه العملية إدراك متى وكيف يتم استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، وتقييم موثوقية وصحّة مخرجاته، وتحديد الآثار الأخلاقية والاجتماعية المرتبطة بتصميمه وتطبيقه، وتعلّم كيفية التواصل والتعاون مع أنظمة الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول.

إن بناء معرفة متقدمة في الذكاء الاصطناعي التوليدي يتطلّب اهتمامًا دقيقًا بقضايا الأخلاقيات والخصوصية والعدالة، ولا تزال هناك العديد من الأسئلة القانونية والأخلاقية والعملية غير المحسومة والمتعلّقة بتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي واستخدامه وتقييمه في التعليم. وعلى الرغم من الإمكانات الكبيرة التي يحملها، إلا أنه يثير أيضًا قضايا مهمّة، منها:

  • الشفافية والرقابة: بما أن معظم أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي تُطوَّر من قبل شركات خاصة، فكيف يمكننا معرفة كيفية تدريبها أو ما هي آليات الحماية المتوفرة ضد الأخطاء أو المخرجات الضارّة؟
  • التأثير السياسي: ما الضمانات المتوفرة لمنع الذكاء الاصطناعي من نشر معلومات مضللة أو محتوى متحيّز؟
  • الأثر البيئي: مع ازدياد حجم البيانات المستخدمة لتدريب النماذج، وما يتطلّبه ذلك من استهلاك للطاقة، ما هي الآثار البيئية المترتبة على ذلك؟
  • التنوع والعدالة وإمكانية الوصول: كيف نضمن أن الأدوات تقلّل من التحيّز وتظل متاحة للجميع؟
  • الخصوصية وحوكمة البيانات والسلامة: كيف يتم جمع بيانات المستخدمين أو المواد المحمية بحقوق الملكية الفكرية وتخزينها أو مشاركتها؟ ومن له حق الوصول إليها؟

بدأ الباحثون والمعلّمون بتطوير استراتيجيات لدعم الاستخدام الأخلاقي والمسؤول للذكاء الاصطناعي التوليدي في الفصول الدراسية، وبناءً على هذه الجهود، تسلّط الأقسام التالية الضوء على أهم الاعتبارات عند دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم والتعلّم.

الأخلاقيات والعدالة

لا تؤثر جميع التقنيات على جميع الطلاب بالطريقة نفسها؛ إذ قد تكون بعض الفئات أكثر عرضة للضرر من غيرها، ونظرًا لاعتماد الذكاء الاصطناعي التوليدي على نماذج لغوية ضخمة (LLMs) مدرّبة على قواعد بيانات هائلة، فإن التحيّزات البشرية والنظامية في البيانات تنعكس مباشرة في المخرجات. وإذا لم تتم معالجتها، يمكن أن تُكرّس هذه التحيزات أوجه عدم المساواة.

تعتمد النماذج اللغوية الكبيرة على تحليل أنماط اللغة في البيانات للتنبؤ بالنصوص وتوليدها. ومع ذلك، فإن المخرجات ستعكس نطاق وطبيعة البيانات التدريبية. فعلى سبيل المثال، إذا تم تدريب النموذج في الغالب على مصادر باللغة الإنجليزية أو التي تتمحور حول الولايات المتحدة، فإن المحتوى الناتج سيعكس تلك المنظورات ويُهمل غيرها.

يجب أن يكون الطلاب على وعي بهذه القيود. إذ يمكن أن تنتج هذه النماذج معلومات غير دقيقة أو مضللة، أو تنتحل شخصيات أفراد أو مؤسسات، أو تُعيد إنتاج محتوى محمي بحقوق ملكية فكرية دون إسناد، ومن هنا، يصبح تقييم مخرجات الذكاء الاصطناعي من خلال منظور نقدي أمرًا أساسيًا.

ومن الأسئلة المفتاحية التي ينبغي على المعلّمين والطلاب طرحها عند التعامل مع المحتوى الذي يُنشئه الذكاء الاصطناعي:

  • هل المحتوى الناتج دقيق؟ وكيف يمكن التحقق من دقته؟
  • هل يمكن لمصادر موثوقة خارجية أن تؤكد صحة المعلومات المنتجة؟
  • كيف يؤثر المحتوى على فهمك أو طريقة تفكيرك في الموضوع؟
  • من هي الفئات الممثلة في البيانات؟ وهل البيانات شاملة من حيث نطاق المادة والمنظورات المقدّمة؟
  • نظرًا لأن بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي قد تخزّن البيانات المُدخلة، كيف يمكن توعية الطلاب لحماية خصوصيتهم عند استخدام هذه الأدوات؟

في النهاية، تظل النماذج اللغوية الكبيرة شاملة وعادلة بقدر شمولية وعدالة البيانات التي بُنيت عليها. وبالتالي، فإن الشفافية في تصميم المهام ومعايير التقييم تساعد على التخفيف من هذه القيود، بينما تمنح الخيارات المرنة لإتمام الواجبات فرصًا متساوية للطلاب، ويوفّر إطار التصميم الشامل للتعلّم (UDL) مزيدًا من الإرشادات لتعزيز الممارسات التعليمية العادلة.

الخصوصية وحوكمة البيانات

تُعد الخصوصية قضية محورية عند التعامل مع الذكاء الاصطناعي التوليدي، تقوم النماذج اللغوية الكبيرة بتخزين محادثاتك وقد تستخدمها كبيانات تدريبية، مما يعني أن أي مدخلات أو مواد يتم رفعها قد تظهر لاحقًا في مخرجات مستقبلية دون إسناد. وقد تُستخدم الملكية الفكرية والموارد بطرق لم يكن المستخدم يتوقعها.

تمر البيانات المقدمة إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي غالبًا عبر مزودين متعدّدين، لكلّ منهم بنية تحتية وسياسات خصوصية وشروط استخدام خاصة. وفي معظم الحالات، لا يكون بالإمكان إلغاء الاشتراك في جمع البيانات إذا أراد المستخدم الاستفادة من التقنية. لذلك، ينبغي على المعلّمين والطلاب مشاركة المعلومات المفتوحة فقط أو البيانات غير الحساسة. والأهم، يجب عدم مشاركة أي بيانات طلابية محمية بموجب قوانين مثل FERPA في الولايات المتحدة، أو نظام حماية البيانات الشخصية (PDPL) في المملكة، و أي أنظمة حماية مشابهة مع منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي.

في المشهد التعليمي المعاصر، يبرز الذكاء الاصطناعي كثورة حقيقية تحمل معها وعودًا بالتعلّم الشخصي ودعمًا غير مسبوق للمعلمين. غير أن هذه الثورة التكنولوجية تثير تساؤلات أخلاقية كبرى: حماية الخصوصية، أمن البيانات، خطر تفاقم عدم المساواة… تحديات ضخمة!

وللاستفادة القصوى من أنظمة الذكاء الاصطناعي، تفرض الحاجة اتباع نهج متوازن. فمن الضروري تجنّب أن تؤدي التكنولوجيا إلى تعزيز التحيّزات القائمة، خصوصًا في السياقات التي يكون فيها الوصول إلى التعليم محدودًا. ومن هنا، يصبح تعليم الذكاء الاصطناعي قضية محورية، ليس فقط لفهم هذه التقنيات ولكن أيضًا لإدراك آثارها المجتمعية.

هل أنت معلم أو ممارس تربوي وتريد مواكبة المستقبل بأمان ومسؤولية؟

انضم إلى دورتنا المتخصصة في الأخلاقيات والتحديات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي في التعليم، لتتعرف على أفضل الممارسات وتكتسب أدوات عملية تتماشى مع الأطر الوطنية. ابدأ رحلتك نحو تعليم أكثر وعيًا ومسؤولية، مع دورة: أخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم👇

CTA

وفي ختام الحديث عن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم

فتح الذكاء الاصطناعي عهدًا جديدًا في التعليم، حيث يوفر فرصًا واسعة لتجارب تعليمية مخصصة، تكيفية وجاذبة. ومع استمرار تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، فإن دمجها في البيئات التعليمية يعد بتعزيز نهج أكثر شمولية وفعالية يتمحور حول الطالب. هذا الدمج لا يغيّر فقط الطرق التقليدية للتدريس، بل يزوّد الطلاب أيضًا بالمهارات والمرونة اللازمة للنجاح في عالم رقمي سريع التغير.

ومع ذلك، فإن هذا الزخم الإيجابي لا ينفصل عن مسؤولياته الأخلاقية؛ إذ يتطلب منا التعامل بحذر ووعي مع قضايا الخصوصية، وحماية البيانات، وضمان العدالة وتكافؤ الفرص للجميع. إن نجاح الذكاء الاصطناعي في التعليم لا يقاس فقط بمدى تطوره التقني، بل بقدرته على تعزيز قيم العدالة والشفافية والإنسانية. ومن هنا، يصبح التحدي الحقيقي هو تحقيق التوازن بين الابتكار التكنولوجي والالتزام بالمبادئ الأخلاقية، لضمان أن يبقى التعليم في جوهره رسالة لبناء الإنسان لا مجرد استخدام للأدوات.

مقالات ذات صلة